للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج أصحابنا بحديث معاذ بن عمرو أنه - عليه السلام - كان أعطاه السلب؛ لأنه كان أثخنه، ومعاذ بن عفراء أجاز عليه.

قالوا: وعندنا أنه إذا أثْخَنَ واحدٌ بالضرب وذَبَحَ آخَرُ كان السلب للأول، ونظره - عليه السلام - لسيفهما، واستدلاله منهما على أيهما قتله دليل يقويه، فإن من أثخن له مزية في القتل.

وموضع الاستدلال منه أنه رأى في سيفيهما مبلغ الدم من جانبي السيفين ومقدار عمق دخولهما في جسم أبي جهل، ولذلك سألهما: (هل مسحاهما؛ ليعتبر) (١) مقدار ولوجهما في جسمه.

وقوله: ("كلاكما قتله") وإن كان الواحد المثخن ليطيب نفس الآخر ولا يكسره.

واحتجّ المالكيون والعراقيون في أن السلب لا يجب للقاتل بقوله لهما: "كلاكما قتله" فلو كان مستحقًّا بالقتل لجعله بينهما لاشتراكهما فيه، فلما قال ذلك وقضى به لأحدهما دون الآخر، دلّ ذلك على ما قلناه، ألا ترى أن الإمام لو قال: من قتل قتيلًا فله سلبه، فقتل رجلان قتيلاً، أنَّ سلبه لهما نصفين، وأنه ليس للإمام أن يحرمه أحدهما ويدفعه إلى الآخر؛ لأن كل واحد منهما له فيه من الحق مثل ما لصاحبه، وهما أولى به من الإمام، فلمّا كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سلب أبي جهل أن يعطيه لأحدهما دل على أنه كان أولى به منهما؛ لأنه لم يكن يومئذ من قتل قتيلًا فله سلبه، قاله الطحاوي (٢).


(١) كذا في الأصل، وفي (ص): (هل مسحاهما؛ لأنهما لو مسحاهما لتغير).
(٢) "شرح معاني الآثار" ٣/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>