للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السداد وأقواله على الصحة. هذا ما وقفت عليه لأئمتنا من الأجوبة عن هذا الحديث، وقد ظهر لي في الحديث تأويل أجلى وأبعد عن مطاعن ذوي الأضاليل يستفاد من نفس الحديث، وهو أن عبد الرزاق قد روى هذا الحديث عن ابن المسيب وعروة وقال فيه: سحر يهودي بني رزيق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلوه في بئر حتى كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينكر بصره، ثم دله الله -عَزَّ وَجَلَّ- على ما صنعوا فاستخرجه من البئر (١).

وذكر عن عطاء الخرساني، عن يحيى بن يعمر قال: حبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة سنة، فبينما هو نائم أتاه ملكان قعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه .. الحديث (٢).

قال عبد الرزاق: حبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة -خاصة- سنة حتى أنكر بصره، فقد استبان لك من مضمون هذِه الروايات أن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه، لا على قلبه واعتقاده وعقله، وأنه إنما أثر في بصره وحبسه عن وطء نسائه، ويكون معنى قوله: يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن. أي: يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة على النساء، فإذا دنا منهن أصابته أخذة السحر، فلم يقدر على إتيانهن كما يعتري من أخذ واعترض، ولعله لمثل هذا أشار سفيان بقوله: وهذا أشد ما يكون من السحر، ويكون قول عائشة: إنه ليخيل إليه .. إلى آخره من باب ما اختل من بصره، كما ذكر في الحديث، فيظن أنه رأى شخصًا من بعض أزواجه أو شاهد فعلًا من غيره، ولكن على ما يخيل إليه لما أصابه في بصره وضعف نظره، لا لشيء


(١) رواه عبد الرزاق ١١/ ١٤ (١٩٧٦٤).
(٢) المصدر السابق (١٩٧٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>