للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسره بالتقدم من موضع إلى موضع (١). قُلْتُ: فمعنى أزلفها هنا: اكتسبها وقدمها وقربها قربة إلى الله تعالى، وازدلفت مثل أزلفت، وازدلفت القوم: (جَمَعْتُهم) (٢)، ومنه سميت المزدلفة؛ لجمعها الناس، وقيل: لقرب أهلها من منازلهم.

مفتعلة من زلفت أبدلت التاء دالًا، وقوله تعالى: {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣)} [التكوير: ١٣] أي: قربت وأدنيت (٣) {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤)} [الشعراء: ٦٤] أي: قَرَّبْنَاهم (٤).

قَالَ أهل اللغة: هذا من باب ما جاء على فعل وأفعل لاختلاف معنى. وقوله تعالى: {عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ: ٣٧] فهي هنا اسم مصدر كأنه قَالَ: ازدلافًا، وأما زلف زلفى ثلاثيًا فبمعنى: تقدم، والزلفة والزلفي: القربى والمنزلة (٥).

وقوله: ("فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ") أي: أسلم إسلامًا محققًا بريئًا من الشكوك، ولا يشترط في تكفير سيئات زمن الكفر وكتب حسناته أن يكثر من الطاعات في الإسلام، ويلازم المراقبة والإخلاص في أفعاله كما (سلف) (٦).

ثم اعلم أن هذا الحديث مع حديث حكيم بن حزام السالف مما اختلف في معناه، فقال أبو عبد الله المازري ثم القاضي وغيرهما:


(١) "جمهرة اللغة" ٢/ ٨٢١ مادة: زلف.
(٢) في (ف)، (ج): جميعهم، والمثبت هو الصواب، كما في "الأفعال" لابن القوطية ص ١٧٣.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٢/ ٤٦٦ (٣٦٤٧٣).
(٤) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ١٧٥.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٤٨ مادة: (زلف).
(٦) في (ج): سبق.