للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد أسلفنا أن مالكا أنكر أن يتحدث بهذا الحديث.

ويتأول على وجهين:

أحدهما: أن العرش السرير الذي حمل عليه، وكان ذلك فضيلة له، كما تحرك حراء وفوقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

والثاني: أن المراد به عرش له، كما بينه في حديث جابر، والمراد به حملة العرش، وإنكار مالك ليس من جهة الإسناد، بل من جهة أنه لم يتعلق به علم شرعي فيخاض فيه.

ومعنى الاهتزاز هنا السرور والاستبشار، ومنه اهتز النبات إذا حسن واخضر، ومنه: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، ويجوز أن يكون ذلك علامة يعينها لموت ولي من أوليائه، ينبه به ملائكته، يشعرهم بفضله، ويجوز أن يكون ذلك من باب تفخيم الأمر وتعظيمه فنسب إلا أعظم الأشياء؛ تقول: قامت لموت فلان القيامة وأظلمت الأرض، وتأوله الهروي على فرح حملة العرش المحمول عليه (١).


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من تأول ذلك -يعني اهتزاز العرش على أن المراد به استبشار حملة العرش وفرحهم فلا بد له من دليل على ما قال .. مع أن سياق الحديث ولفظه ينفي هذا الاحتمال.
انظر: "مجموع الفتاوى" ٦/ ٥٥٤.
وأما قوله: (ويجوز أن يكون ذلك علامة يعينها لموت ولي من أوليائه .. ) إلخ. فيرده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في "الصحيح": "إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته .. " الحديث.
قال الإمام ابن تيمية: وقوله: "لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته" رد لما توهمه بعض الناس فإن الشمس خسفت يوم مات إبراهيم فاعتقد بعض الناس أنها خسفت من أجل موته، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يخسف لأنه مات أحد ولا لأجل أنه حيى أحد.
وهذا كما في الصحيحين عن ابن عباس قال: حدثني رجال من الأنصار أنهم كانوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>