للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن يريد بقوله (ما خلا الله): ما عداه، وعدا رحمته الذي وعد بها فإن وعده حق، وما عدا عقابه الذي توعد به، والباطل ما سواه، والجنة وما وعد به من رحمته، والنار وما وعد به من عقابه، وما سوى هذا باطل أي: مضمحل.

والثاني: أن الجنة والنار وإن كانتا حقا، فإن الزوال عليهما جائز لذاتهما، فإنهما يبقيان بإبقاء الله لهما، وأنه خلق الدوام لأهلهما على قول من جعل البقاء والدوام معنى زائد على الذات، وهو قول الأشعري.

وإنما الحق على الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال، وهو القديم الذي انعدامه محال، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنت الحق" معرفًا أي: المستحق لهذا الاسم حقيقة.

"وقولك الحق"؛ لأن قوله قديم وليس بمخلوق فيبيد، "ووعدك الحق" كذلك؛ لأن وعده كلامه وهذا مقتضى الألف واللام.

ثم قال: "الجنة حق، والنار حق" بغير ألف ولام، "ولقاؤك" كذلك؛ لأن هذِه أمور محدثات، والمحدث لا يجب له البقاء من جهة ذاته، وإنما علمنا بقاءهما من جهة استحالة الفناء عليهما، كما يستحيل على القديم سبحانه الذي هو الحق، وما خلاه باطل؛ لأنه إما جوهر أو عرض، وليس في الأعراض إلا ما يجب له الفناء ولا في الجواهر إلا ما يجب عليه الفناء والبطول فإن بقي ولم يبطل فجائز أن يبطل، والحق سبحانه [ليس من] (١) قبيل الجواهر والأعراض، فاستحال عليه ما يجب لهما أو يجوز لهما (٢).


(١) غير واضحة في الأصل وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(٢) "الروض الأنف" ٢/ ١٢٦ - ١٢٧. =

<<  <  ج: ص:  >  >>