للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلم قبل ذلك أنه لا يجوز أن تظن بالقدم هنا الجارحة، تعالى الله عن ذلك قال تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فإذا ملأها بغيرهم، ففيه مخالفة خبره، ولا يقع فيتعين ما ذكرناه وقد أول أن المراد به الموضع، وعليه مشى ابن حبان في "صحيحه" حيث قال: هذا من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة. وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عصي الله عليها، فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب تعالى موضعًا من الكفار والأمكنة في النار فتهدأ، لأن العرب تطلق في لغتها اسم القَدَم على الموضع، قال تعالى: {لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} يريد موضع صدق (١)، وكذا قال الحسن البصري أن القدم قوم يعذبهم الله من شرار خلقه إلى النار.

وقال الإسماعيلي: الروايتان جميعًا ليس فيها من الذي يضع قدمه فيها، ونقول: إن شك من شك في الرواية فهو على توهمه أن القدم لا تكون إلا رجلًا والرجل قدم، وقال مجاهد: قول النار: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} أي: قد امتلأت وانتهيت بلا موضع فيَّ لمزيد (٢)، وقيل: إنما تقول تغيظًا.

قال الإسماعيلي: هذا وجه من وجوه التأويل محتمل في اللغة فيكون خروج الحديث على ذلك أنها قد تزاد، وهي عند نفسها لا موضع فيها للمزيد، وقال: وأما القدم فقد تكون لما قدم من شيء كما سمي ما خبط من الورق خبطًا، ثم ذكر الآية السالفة {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} والمعنى ما قدموا من حسن، قال: فعلى هذا من لم يقدم


(١) "صحيح ابن حبان" ١/ ٥٠٢.
(٢) "تفسير مجاهد" ٢/ ٦١٢، ولفظه فيه: هل من مسلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>