للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُنْسِهَا} [البقرة: ١٠٦] بضم النون وترك الهمزة أي: ننسكها (١)، (فلا) (٢) كان هذا كأنه نهى عن ذلك القول؛ لئلا يتوهم في كثير من محكم القرآن أنه قد ضاع لكثرة الناس، وفيه بُعْدٌ. فمن أضاف النسيان إلى الله فإنه خالقه وخالق الأفعال كلها ومن نسبه إلى نفسه فلأنه فِعْلُه يضاف من جهة الاكتساب والتصرف، ومن نسب ذلك إلى الشيطان كما قال يوشع {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: ٦٣] فلما جعل الله له من الوسوسة فلكل إضافة منها وجه صحيح. وقيل: إنما يكون نسيان القرآن لترك تعهده والغفلة عنه كما أن حفظه إنما يكون بتكراره والصلاة به، كما في حديث ابن عمر: "لو أقام صاحب القرآن يقرأه بالليل والنهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه" (٣).

فماذا قال الإنسان: نسيت آيه كيت وكيت، فقد شهد على نفسه بالتفريط، وترك معاهدته، وهو ذنب عظيم كما في حديث أنس من عند الترمذي مرفوعًا: "عُرضت عليّ أعمال أمتي فلم أرَ ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آيه أوتيها رجل ثم نسيها" (٤)، وهو نص، وعلى


(١) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ١٨٦، "الكشف عن وجوه القراءات" ١/ ٢٥٧.
(٢) كذا بالأصل، وفي "المفهم" ٢/ ٤١٨: (فلما) وهو أصوب.
(٣) رواه مسلم (٧٨٩/ ٢٢٧).
(٤) "سنن الترمذي" (٢٩١٦).
ورواه أيضًا أبو داود (٤٦١) كلاهما من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك، مرفوعًا.
قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمد بن إسماعيل -يعني: البخاري- فلم يعرفه واستغربه، قال محمد: ولا أعرف للمطلب سماعًا من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول؛ لا نعرف للمطلب سماعًا من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس. =

<<  <  ج: ص:  >  >>