للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقام الإجماع عَلَى أن النكاح عَلَى المهر الفاسد إذا فات بالدخول فلا يفسخ بفساد صداقه، ويكون فيه مهر المثل، ولو لم يكن نكاحًا منعقدًا حلالًا ما صار نكاحًا، بالدخول والأصل في ذَلِكَ أن التزويج يضمن بنفسه لا بالعوض فيه؛ بدليل تجويز الله النكاح بغير صداق؛ لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة:٢٣٦] فلما وقع الطلاق دلَّ عَلَى صحة النكاح، دون تسمية صداق؛ لأن الطلاق غير واقع إلا عَلَى الزوجات، وكونهن زوجات دليل عَلَى صحة النكاح بغير تسمية.

وحجة الذين أبطلوا النكاح ظاهر النهي عنه، والنهي يقتضي تحريم المنهي عنه وفساده. قَالَ ابن المنذر: ودلَّ نهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه عَلَى إغفال من زعم أنه (يجعل) (١) ما أباحه الله في كتابه من عقد النكاح عَلَى غير صداق معلوم، قياسًا عَلَى ما نهى عنه في الشغار، ولا يشتبه ما نهى الله عنه بما أباحه، وهذِه غفلة.

فصل:

أصل الشغار في اللغة الرفع، من قولهم: شغر الكلب برجله: إذا رفعها ليتبول، فكأن المتناكحين رفعا المهر بينهما، وقال أبو زيد: رفع رجله بال أو لم يبل.

وعبارة صاحب "العين": رفع إحدى رجليه ليبول (٢)، وقال أبو زيد: شغرت بالمرأة شغورًا رفعت رجليها عند الجماع، وقيل: لأنه رفع العقد من الأصل، فارتفع النكاح والعقد معًا، وقيل: من شغر بالمكان: إذا


(١) في الأصل: يحل، والمثبت من (غ).
(٢) "العين" ٤/ ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>