للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلفوا إذا تزوجها في العدة ودخل بها: فقال مالك والليث والأوزاعي يفرق بينهما، ولا تحل له أبدًا، قَالَ مالك والليث: ولا بملك اليمين، واحتجوا بأن عمر - رضي الله عنه - قَالَ: لا يجتمعان أبدًا وتعتد منهما جميعًا (١).

وقال الثوري والكوفيون والشافعي: يفرق بينهما. فإذا انقضت عدتها من الأول فلا بأس أن يتزوجها. واحتجوا بإجماع العلماء أنه لو زنا بها لم يحرم عليه تزويجها، فكذلك وطؤه إياها في العدة، وهو قول علي ذكره عبد الرزاق، وذكر عن ابن مسعود مثله، وعن الحسن أيضًا (٢).

وذكر عبد الرزاق عن الثوري، عن الأشعث، عن الشعبي، عن مسروق أن عمر رجع عن ذَلِكَ، وجعلهما يجتمعان.

واختلفوا هل تعتد منهما: فروى المدنيون عن مالك أنها تتم بقية عدتها من الأول، وتستأنف عدة أخرى من الآخر، روي ذَلِكَ عن عمر وعلي، وهو قول الليث والشافعي وأحمد وإسحاق.

وروى ابن القاسم عن مالك أن عدة واحدة تكون لها جميعًا، سواء كانت بالحيض أو الحمل أو الشهور، وهو قول الأوزاعي والثوري وأبي حنيفة، وحجتهم الإجماع عَلَى أن الأول لا ينكحها في بقية العدة، فدل ذَلِكَ عَلَى أنها في عدة من الثاني؛ ولولا ذَلِكَ لنكحها في عدتها منه، وهذا غير لازم؛ لأن منع الأول من أن ينكحها في بقية عدتها إنما وجب؛ لما يتلوها من عدة الثاني، وهما حقان قد أوجبا عليها لزوجين،


(١) رواه مالك في "الموطأ" ص ٣٣١ - ٣٣٢.
(٢) عبد الرزاق ٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>