للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجة الأول أن الأب لو جعل ذَلِكَ إلى رجل بعينه في حياته لم يكن لسائر الأولياء الاعتراض عليه مع بقاء الأب. فكذلك بعد موته، إلا أن مالكًا قال: لا يزوج الوصي اليتيمة قبل البلوغ، إلا أن يكون أبوها أوصى إليه أن يزوجها قبل البلوغ من رجل بعينه، فيجوز وينقطع عنها ما لها من المشورة عند بلوغها.

وذكر ابن القصار أن من أصحابنا من قال: إن الموصي إذا قال: زوج بناتي ممن رأيت. فإنه يقوم مقام الأب في تزويج الصغيرة وفي تزويج البكر البالغ بغير إذنها. وهو يتخرج على مذهب مالك، وهو إذا قالت الثيب لوليها: زوجني ممن رأيت. فزوجها ممن اختار أو من نفسه ولم يعلمها بعين الرجل قبل العقد فإنه يلزمها ذَلِكَ (١).

وقال ابن حزم: لا إذن للوصي في إنكاح أصلًا لرجل ولا لامرأة، صغيرين كانا أو كبيرين. أما الصغيرين فقد أسلفنا الكلام فيهما، وأن البكر لا يزوجها إلا الأب وحده، وأما الذكر فلا يزوجه أحد إلا نفسه، وأما الكبيران فلا يخلو من أن يكونا مجنونين فلا ينكحهما أب ولا غيره، أو عاقلين فلا ولي عليهما، فإن موَّه مموِّه بخبر وكيع، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن جده، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من منع يتيمًا له النكاح فزنى فاللإثم بينهما" قلنا: هذا مرسل، ولا حجة في مرسل، وأيضًا يحيى ضعيف، وليس فيه للوصي ذكر، وقد يكون أراد سيد العشيرة يمنع يتيمًا من قومه النكاح ظلمًا (٢).


(١) انظر: "ابن بطال" ٧/ ٢٥١.
(٢) "المحلى" ٩/ ٤٦٣ - ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>