للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو غيره حَتَّى يستأمرها، وذلك لا يكون إلا في البوالغ؛ لما دل عليه الحديث؛ ولتزويجه - عليه السلام - عائشة وهي صغيرة، وهو قول الثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور، واحتجوا بهذا الحديث؛ لأنه - عليه السلام - قال قولًا عامًّا: "لا تنكح البكر حَتَّى تستأذن، ولا الثيب حَتَّى تستأمر". وكل من عقد (نكاحها) (١) على غير ما سنه الشارع فهو باطل. ودل الحديث على أن البكر إذا نكحت قبل إذنها بالصمت أن النكاح باطل، كما يبطل نكاح الثيب قبل أن تستأمر.

وقالت طائفة: للأب أن يزوج ابنته بغير إذنها، صغيرة كانت أو كبيرة، ولا يزوج الثيب إلا بأمرها، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق (٢).

وقال أبو قرة: سألت مالكًا عن قوله - عليه السلام -: "البكر تستأذن في نفسها" أيدخل في هذا الأب؟ قال: لا، لم يعن بهذا الحديث الأب، وإنما عنى به غير الأب. وإنكاح (البكر) (٣) جائز على الصغار (٤)، ولا خيار للواحدة منهن قبيل البلوغ.

قال ابن حبيب: وقد ساوى الشارع بين البكر والثيب في مشاورتهما في نفسهما ولم يفرق بينهما إلا في الجواب بالرضى، فإنه جعل جواب البكر بالرضى في صماتها لاستحيائها، وجعل جوابها بالكراهة لذلك في الكلام، فإنه لا حياء عليها في كراهيتها كما يكون الحياء في رضاها، ولم يلزم الشارع الثيب بالصمات حَتَّى تتكلم بالرضى؛ لمفارقتها في الحياء حال البكر؛ لما تقدم من نكاحها.


(١) في (غ): نكاحًا.
(٢) انظر: "الإشراف" ١/ ٢٤.
(٣) كذا في الأصل، وفي "التمهيد": الأب.
(٤) انظر: "التمهيد" ١٩/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>