للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حجة الجمهور الأحاديث السالفة، وروي أيضًا عن أبي الزبير، عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن فيه. ولا يفهم من قوله: "أو تفعلون ذلك؟ " إلا الإباحة، وهو خلاف ما أسلفناه عن الأنصاري، نعم يشهد آخر الحديث: "ما من نسمة .. " إلى آخره للإباحة يقول: قد فرغ من الخلق، فاعزلوا أو لا تعزلوا، فإن قدر أن يكون ولدًا لم يمنعه عزل؛ لأنه قد يكون مع العزل إفضاء بقليل الماء الذي قدر الله أن يكون منه الولد، وقد يكون الاسترسال والإفضاء ولا يكون ولد، فالعزل أو الإفضاء سواء في أن لا يكون منه ولد إلا بتقدير الله.

واحتج من كرهه بحديث جدامة بنت وهب الأسدية السالف، وأنكره الأولون، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنكار ذلك.

وحديث أبي سعيد السالف فيه إكذاب من زعم أنه موءودة، وقد روي عن عليّ رَفْع ذلك، والتنبيه على فساده بمعنى حسن لطيف، وروى الليث عن معمر بن أبي حبيبة، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: تذاكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عمر العزل، فاختلفوا فيه، فقال عمر: قد اختلفتم أنتم، وأنتم أهل بدر الأخيار، فكيف بالناس بعدكم؟ فقال عليّ: إنها لا تكون موءودة حتى (تمر) (١) بالتارات السبع، قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢)}

الآية [المؤمنون: ١٢] فعجب عمر من قوله، وقال: جزاك الله خيرًا. فأخبر عليّ أنه لا يوأد إلا من قد نفخ فيه الروح قبل ذلك، وما لم ينفخ فيه الروح فهو موات غير موءودٍ.


(١) في الأصول: تتم، والمثبت من "شرح معاني الآثار" وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>