للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يزيح الإشكال ويرفعه ما رواه عبد الرزاق عن الحسن قال: كنا نغزو مع الصحابة، وإذا أراد أحدهم أن يصيب الجارية من الفيء أمرها فغسلت ثيابها واغتسلت، ثم علمها الإسلام، وأمرها بالصلاة، واستبرأها بحيضة، وأصابها. وكذلك رواه أيضًا عن الثوري أنه قال: السنة أن لا يقع على مشركة حتى تصلي ويستبرئها وتغتسل (١).

والذي حركهم على السؤال عن العزل خوفهم أن يكون محرمًا؛ لأنه قطع النسل.

فصل:

قوله: ("أَوَ إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ"؟ قَالَهَا ثَلَاثًا) وهي رواية جويرية عن مالك، وفي رواية: "لا عليكم أن لا تفعلوا" وهي رواية ابن القاسم، وغيره عن مالك. وفهمت طائفة منه النهي عن العزل والزجر عنه. كما حكي عن الحسن ومحمد بن المثنى وقد سلف، وكأن هؤلاء فهموا من "لا" النهي عما سئل عنه وحذف بعد قوله: "لا" فكأنه قال: لا تعزلوا "وعليكم أن لا تفعلوا" تأكيدا لذلك النهي.

وفهمت طائفة منهم أنه إلى النهي أقرب، وفهمت طائفة أخرى منها الإباحة، كأنها جعلت جواب السؤال قوله: "عليكم أن لا تفعلوا" أي: ليس عليكم جناح في أن لا تفعلوا، وهذا التأويل أولى بدليل قوله: "مَا مِنْ نَسَمَةٍ" إلى آخره وبقوله: "افعلوا أو لا تفعلوا إنما هو القدر" (٢) وبقوله: "إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه" وهذِه الألفاظ كلها مصرحة بأن العزل لا يرد القدر ولا يضر، فكأنه قال: لا بأس به، وبهذا تمسك


(١) عبد الرزاق ٧/ ١٩٦ - ١٩٧.
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وفي مسلم (١٤٣٨/ ١٣٠) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "لا عليكم إلا تفعلوا ذاكم، فإنما هو القدر".

<<  <  ج: ص:  >  >>