للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما أعطته على ذلك حلال له إذا كان مقدار الصداق فما دونه، وكان ذلك من غير إضرار بها، ولا إساءة إليها، إلا بكر بن عبد الله فإنه شذ فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئًا علي حال من الأحوال. وقوله خلاف السنة الثابتة في أمرٍ ثابتٍ، فلا ينبغي لعالم أن يجعل شيئًا من القرآن منسوخًا إلا بتدافع يمنع من استعماله وتخصيصه وإذا حمل قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] أنه يرضى بها، وحمل قوله: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] علي أنه بغير رضاها، صح استعمال الاثنين.

وقد بينت السنة ذلك في قصة ثابت، وعليه جماعة العلماء، إلا من شذ عنهم ممن هو محجوج بهم؛ لأنهم لا يجوز عليهم الإطباق والاجتماع على تحريف الكتاب العزيز، وجهل تأويله، وينفرد بعلم ذلك واحد غيرهم (١).

قال ابن حزم: واحتج من ذهب إلى قول بكر بحديث ثوبان مرفوعًا: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها الجنة" (٢) وبحديث النسائي عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا "المختلعات هن المنافقات" قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة، فسقط (٣).

وأما الخبر الأول: فلا حجة فيه في المنع من الخلع؛ لأنه إنما فيه الوعيد على السائلة الطلاق من غير ما بأس، وكذا نقول (٤).


(١) "الاستذكار" ١٧/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٢) رواه أبو داود (٢٢٢٦)، الترمذي (١١٨٧)، ابن ماجه (٢٠٥٥)، أحمد ٥/ ٢٧٧.
(٣) النسائي ٦/ ١٦٨ وقول الحسن فيه: لم أسمعه من غير أبي هريرة، كما سيبينه المصنف.
(٤) "المحلى" ١٠/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>