للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى ابن القاسم عن مالك أن الأخرس إذا أشار بالطلاق أنه يلزمه.

وقال الشافعي في الرجل يمرض فيختل لسانه فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق، وإذا أشار إشارة تعقل أو كتب لزمه الطلاق.

وقال أبو ثور في إشارة الأخرس: إذا فهمت عنه تجوز عليه (١).

وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن كانت إشارته تعرف في طلاقه ونكاحه وبيعه، وكان ذلك منه معروفًا فهو جائز عليه، وإن شك فيها فهي باطل، وليس ذلك بقياس إنما هو استحسان، والقياس في هذا كله أنه باطل؛ لأنه لا يتكلم ولا تعقل إشارته (٢).

قال ابن المنذر: فزعم أبو حنيفة أن القياس في ذلك أنه باطل، وفي ذلك إقرار منه أنه حكم بالباطل؛ لأن القياس عنده حق، فإذا حكم بضده -وهو الاستحسان- فقد حكم بضد الحق، وفي إظهار القول بالاستحسان وهو ضد القياس دفع منه للقياس الذي عنده حق.

قال ابن بطال: وأظن البخاري حاول بهذا الباب الرد عليه؛ لأنه - عليه السلام - حكم بالإشارة في هذِه الأحاديث وجعل ذلك شرعًا لأمته، ومعاذ الله أن يحكم - عليه السلام - في شيء من شريعته التي ائتمنه الله عليها، وشهد التنزيلُ أنه بلغها لأمته غير (ملوم) (٣) وأن الدين قد كمل به ما يدل القياس على إبطاله، وإنما حمل أبا حنيفة على قول هذا أنه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز الإشارات في أحكام مختلفة من


(١) "شرح ابن بطال" ٧/ ٤٥٥، وانظر: "المدونة" ٢/ ١٢٧، "الأم " ٥/ ٢٧٧.
(٢) انظر: "المبسوط" ٥/ ٣٤.
(٣) في الأصول: معلوم، ولا معنى لها، والمثبت من "شرح ابن بطال" ٤/ ٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>