للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينهما (١)، وهو قول ابن شبرمة، وأبي حنيفة، قال: تتعلق النفقة بذمته إذا حكم بينهما حاكم، وأبي سليمان وأصحابهم.

بيان صحة قولنا قول الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية [الطلاق: ٧]، وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٢) [البقرة: ٢٨٦].

فمن قَدَر على بعض النفقة والكسوة، سواءُ قَلّ ما يقدر عليه أوكَثُر، فالواجب أن يقضى عليه بما قدر، وأُسْقط عنه ما لا يقدر، فإن لم يقدر على شيء من ذَلِكَ سقط عنه، ولم يجب أن يقضى عليه بشيء، فإن أيسر بعد ذَلِكَ قضي عليه من حين يوسر، ولا يقضي عليه بشيء بما أنفقته على نفسها مدة عسره، وهذا بخلاف ما وجب لها من نفقة أو كسوة يمنعها إياها وهو قادر عليهما، فهذا يؤخذ به أبدًا، أعسر بعد ذَلِكَ أو لم يعسر؛ لأنه قد كلفه الله إياه وهو واجب عليه فلا يسقط عنه إعساره،

لكن الإعسار يوجب أن ينظره إلى الميسرة فقط، ولو أن الزوج يمنعها النفقة والكسوة أو الصداق ظلمًا، أو لأنه فقير لا يقدر، لم يجز لها منع نفسها منه من أصل ذَلِكَ، فإن عجز الزوج عن نفقة نفسه وامرأته غنية كلفت النفقة عليه، ولا يرجع عليه بشيء من ذَلِكَ إن أيسر، إلا أن يكون عبدًا، فنفقته على سيده؛ لأن الزوجة وارثة، فعليها نفقته بنص القرآن.

وقال عبد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة: إذا لم يقدر الزوج على النفقة يسجن، ولا يطلق، ولا آمره بطلاقها، إذا عجز يحبس أبدًا (٣).


(١) "المصنف" ٧/ ٩٥ - ٩٦ (١٢٣٥٥)، (١٢٣٥٦).
(٢) "المحلى"١٠/ ٩٤، ٩٥، ٩٦، ٩٧.
(٣) انظر: "المحلى" ١٠/ ٩١، ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>