للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: هو مثل أن المؤمن يأكل الحلال والكافر يأكل الحرام. وما قدر عليه.

فهذِه خمسة أقوال، وقيل: الناس في الأكل على ثلاث طبقات:

طائفة يأكلون كل مطعوم من حاجة أو غير حاجة، وهذا فعل الحمير؛ لقوله تعالى: {وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} وقوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩)}

وطائفة يأكلون إذا جاعوا، فإذا ارتفع الجوع أمسكوا، وهذِه عادة المقتصدين (١) والمتناسكين في الشمائل والأخلاق.

وطائفة يتجوعون يقصدون بذلك قمع شهوة النفس، ولا يأكلون إلا عند الضرورة وقدر ما يكسر شدة الجوع، وهذِه عادة الأبرار وشمائل الصالحين والأخيار (٢).

والسؤال السالف، إنا نجد مؤمنًا كثير الأكل كأبي نهيك وغيره، ونجد غيره كافرًا قليل الأكل؟

أجاب ابن بطال عنه بأنه - عليه السلام - أراد بقوله: "المؤمن يأكل في معى واحد" المؤمن التام الإيمان، من حسن إسلامه وكمل إيمانه، تفكر في خلق الله له وفيما يصير إليه من الموت وما بعده، فيمنعه الخوف والإشفاق من تلك الأهوال من استيفاء شهواته.

وقد روي هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي أمامة مرفوعًا: "عليكم بقلة الأكل؛ تعرفون في الآخرة، فمن كثر تفكره قل طُعمه، وكلَّ لسانه، ومن قل تفكره كثر طُعمه، وعظم ذنبه وقسا قلبه،


(١) كلمة غير واضحة بالأصول، والمثبت من "أعلام الحديث" للخطابي ٣/ ٢٠٤٧.
(٢) "أعلام الحديث" ٣/ ٢٠٤٦ - ٢٠٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>