للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخامس بعد العشرين:

قول عمرو لأبي شريح: (أنا أعلم منك يا أبا شريح) إلى آخره. هو كلامه ولم يسنده إلى رواية، وقد شنع عليه ابن حزم في ذَلِكَ في "محلاه" في كتاب الجنايات، فقال: لا كرامة للطيم الشيطان الشرطي الفاسق، يريد أن يكون أعلم من صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وهذا الفاسق هو العاصي لله ولرسوله ومن ولَّاه أو قلده، وما حامل الخَرْبة في الدنيا والآخرة إلا هو ومن أمره وأيده وصوب قوله (١).

وكان ابن حزم إنما ذكر ذَلِكَ؛ لأن عمرًا ذكر ذَلِكَ عَلَى اعتقاده في ابن الزبير، وقد اعترض عليه أيضًا غير واحد في ذَلِكَ.

قَالَ ابن بطال: ما قاله ليس بجواب؛ لأنه لم يختلف معه في أن من أصاب حدًّا في غير الحرم ثمَّ لجأ إلى الحرم هل يقام عليه، وإنما أنكر عليه أبو شريح بعثه البعوث إلى مكة واستباحة حرمتها بنصب الحرب عليها، فحاد عمرو عن الجواب، واحتج أبو شريح بعموم الحديث، وذهب إلى أن مثله لا يجوز أن يستباح بعد ولا ينصب الحرب عليها بقتال بعدما حرمها الشارع (٢).

وقال القرطبي: قول عمرو ليس بصحيح للذي تمسك به أبو شريح، وحاصل كلام عمرو أنه تأويل غير معضود بدليل (٣).

فرع: هل تأويل الصحابي للحديث أولى ممن يأتي بعده؛ لأنه أعلم بمخرجه أم لا إِذَا لم يصبه؟ خلاف.


(١) "المحلى" ١٠/ ٤٩٨.
(٢) "شرح ابن بطال" ١/ ١٨٠.
(٣) "المفهم" ٣/ ٤٧٥.