للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روى النهي عن الانتباذ في هذِه الأربعة من حديث ابن عباس في حديث وفد عبد القيس كما سلف في الإيمان والعلم (١).

ومعنى النهي عندهم عن الانتباذ فيها؛ لسرعة استحالة ما ينبذ فيها فتصير خمرًا وهم لا يظنون ذلك، فيواقعون ما نهى الله عنه. وذكر الطبري القائلين بتحريم الشراب المتخذ في الأوعية المذكورة المنكرين أن تكون منسوخة عن عمر أنه قال: لأن أشرب من قمقم محمي فيحرق ما أحرق ويبقي ما أبقى أحبُّ إليّ أن أشرب من نبيذ الجر. وعن علي النهي عنه، وعن ابن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس مثله، وقال ابن عباس لأبي جمرة: لا تشرب نبيذ الجر وإن كان أحلى من العسل. وكرهه ابن المسيب والحسن (٢).

وقال إسماعيل بن إسحاق: قال سليمان بن حرب: كل شيء ذكر عمر كان يشرب نبيذ الجر أو يكرهه، فإنما هو الحلو، فأما المسكر فهو حرام في كل وعاء.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: الانتباذ في جميع الأوعية كلها مباح وأحاديث النهي عن الانتباذ منسوخة بحديث جابر وغيره (٣)، ألا ترى أنه - عليه السلام - أطلق لهم جميع الأوعية والظروف حتى قالت الأنصار: إنه لا بد لنا منها. فقال: "فلا إذا" ولم يستثن منها شيئًا.

واحتجوا بحديث جابر مرفوعًا قال: "إني نهيتكم أن تنتبذوا في


(١) سلف في الإيمان برقم (٥٣) باب: أداء الخمس من الإيمان، وفي العلم برقم (٨٧) باب: تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم.
(٢) روى جميع هذِه الآثار ابن أبي شيبة في "المصنف" ٥/ ٧٢ - ٧٣.
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" ٤/ ٢٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>