للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنهما يخبثان النفس، والبول لا يقطع العطش، فإن صح هذا فلا يباح لانتفاء الفائدة.

وعن الحسن: أنه كان يكره الدواء يجعل فيه البول.

وقال ابن بطال: أبوال الناس مثل الخمر والميتة في التحريم، ولم يختلفوا في جواز أكل الميتة عند الضرورة، فكذلك البول والفقهاء على خلاف قول ابن شهاب وإنما اختلفوا في جواز شرب الخمر عند الضرورة فقال مالك: لا يشربها لأنها لا تزيده إلا عطشًا وجوعًا، وأجاز أبو حنيفة أن يشرب منها مقدار ما يمسك به رمقه (١).

والأصح عندنا أنه لا يجوز تعاطيها لعطش ولا لتداوٍ، واحتج المانع بقول ابن مسعود في الكتاب، وقد روي هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ستعلمه، واحتج الكوفيون بأن الضرورة أباحت أكل ما حرم الشرع من الميتة والدم ولحم الخنزير والبول وما لا ينقلب إلى حالة أخرى، فأن تبيح الخمر كان أولى؛ لأنها قد تنتقل من حالها إلى حال التخليل.

وكان الشيخ أبو بكر فيما حكاه ابن القصار يقول: إن دفعته إليها ضرورة تغلب على ظنه أنه يتخلص بشربها جاز؛ لأنه لو تغصص بلقمة في حلقه فلم يجد ما يدفعها به واضطر أن يردها بالخمر جاز له ذلك ولم يجز أن يمنعه من هذِه الحال فيصير كالميتة عند الضرورة والأمر كما قال إن شاء الله (٢).

قلت: مسألة الغصة النفع بها محقق وهذا مظنون فافترقا.


(١) "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ٣٦٣.
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٧٠ - ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>