للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرقة أو يمثل له وجع في كبده أو حلقه، وشربه قائمًا لأمنه من ذلك (١)، وقال ابن بطال: إنما رسم البخاري هذا الباب؛ لأنه قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آثار فيها كراهة الشرب قائمًا، فلم يصح عنده وصحت عنده أحاديث الإباحة في ذلك، وعمل بها الخلفاء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال بها أئمة الفتوى.

وروى الطبري: عن عمر أنه شرب قائمًا، وعن عليِّ وسعد وابن عمر وعائشة وأبي هريرة مثله، وعن إبراهيم وطاوس وسعيد بن جبير مثله أيضًا، وروي عن أنس كراهته، وعن أبي هريرة مثله، وبه قال الحسن البصري. والدليل على جواز أن الأكل مباح قائمًا -وعلى كل حال- فكذلك الشرب (٢).

وقال ابن التين: فعله ذلك لبيان الجواز، وكذا قال الخطابي: إنه نهي تأديب؛ لأنه أحسن وأرفق بالشارب.

وقال القرطبي: لم يصر أحد من العلماء إلى أن النهي للتحريم، وإن كان جاريًا على أصول الظاهرية والجمهور على الجواز، فمن السلف أبو بكر وعمر وجمهور الفقهاء متمسكين بشربه - عليه السلام - قائمًا من زمزم، وكلهم رأوا في هذا الفعل منه متأخرًا عن أحاديث النهي، فإنه كان في حجة الوداع، ورواية ابن عباس وصحبته متأخرة عن صحبة أولئك فهو ناسخ، وتحقق بذلك فعل الخلفاء الأربعة، ويبعد أن يخفى عليهم تلك الأحاديث (٣).


(١) "المفهم" ٥/ ٢٨٦.
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٧٢.
(٣) "المفهم" ٥/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>