للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذهاب بصره في الدنيا فلم يفعل ذلك به لسخط عليه، وإنما أراد الإحسان إليه، إمَّا بدفع مكروه عنه يكون سببه نظر عينيه لا صبر على عقابه في الآخرة أو ليكفر عنه ذنوبًا سلفت لا يكفرها عنه إلاَّ بأخذ أعظم جوارحه في الدنيا ليلقى ربه طاهرًا من ذنوبه أو ليبلغه من الأجر إلى درجة لم يكن يبلغها بعمله.

وكذلك جميع أنواع البلاء، فأخبر الشارع كما تقدم: أن أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم -: "أن أهل العافية في الدنيا يودون لو أن لحومهم قرضت بالمقاريض في الدنيا" (١) لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء، فمن ابتُلي بذهاب بصره أو فقد جارحة من جوارحه، فليلق ذلك بالصبر والشكر والاحتساب وليرض باختيار الله له، ذلك ليحصل على أفضل العوضين وأعظم النعمتين وهي الجنَّة التي من صار إليها فقد ربحت تجارته وكرمت صفقته ولم يضره ما لقي من شدة البلاء فيما قاده إليها.


(١) رواه الترمذي (٢٤٠٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٣/ ٥٢٦ وفي "الشعب" ٧/ ١٨٠، والطبراني في "الصغير" ١/ ١٥٦ من حديث أبي الزبير عن جابر وقال الترمذي حديث لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه. وروى نحوه مطولاً الطبراني في "الكبير" ١٢/ ١٨٢، وأبو نعيم في "الحلية" ٣/ ٩١ من حديث ابن عباس وقال الهيثمي في "المجمع" ٢/ ٣٠٥، رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه مجاعة بن الزبير وثقه أحمد وضعفه الدارقطني.
وحديث جابر حسنه الألباني في "الصحيحة" (٢٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>