للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد عرف أن في الناس من تلسعه العقرب فيموت العقرب، فلا ينكر أن يكون في الناس ذو طبيعة ذات ضر وسم، فإذا نظر إلى ما يعجبه فُصِلَ من عينه شيء في الهواء من السم فيصل إلى المرئي فيقتله.

ومما يشبه هذا أن المرأة الطامث تدنو من إناء اللبن فيفسد اللبن، وليس ذلك إلا لشيء فصل عنها فوصل إلى اللبن، وقد تدخل البستان فتضر بكثير من العروش من غير أن تمسها، ويفسد العجين إذا وضع في البيت الذي فيه البطيخ، وثاقب الحنظل تدمع عيناه، كذا قاطع البصل، والناظر إلى العين المحمرة، وقد يتثاءب الرجل فيتثاءب غيره.

فصل:

قال أبو عمر: قوله - صلى الله عليه وسلم - أي فيما يأتي: "علام يقتل أحدكم أخاه" دليل على أن العين حق، وربما قتلت وكانت سببًا من أسباب المنية.

وقوله: ("لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين") دليل على أن المرء لا يصيبه إلا ما قدر له، وأن العين لا تسبق القدر لكنها من القدر.

وقوله: ("ألا بركت؟ ") به دليل على أن العين لا تضر ولا تعدو إذا برك العائن، فواجب على كل من أعجبه شيء أن يبرك، وإذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة، والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه (١).

فصل:

ويؤمر العائن بالاغتسال، ويجبر إن أبى؛ لأن الأمر للوجوب، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو، لا سيما إذا كان بسببه وهو الجاني عليه.


(١) "التمهيد" ٦/ ٢٣٧ - ٢٤١ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>