للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسم الإيمان بالإطلاق. والصبر على العمل بالشرائع نظير الرأس من جسد الإنسان الذي لا تمام له إلا به، وهذا في معنى حديث أنس وجابر أن الصبر نصف الإيمان، وعامة المواضع التي ذكر الله فيها الصبر وحث عليه عباده إنما هي مواضع الشدائد ومواطن المكاره التي يعظم على النفوس فعلها، ويشتد عندها جزعها، كل ذَلِكَ محن وبلاء؛ ألا ترى قوله - عليه السلام - للأنصار: "لن تعطوا عطاء خيرًا وأوسع من الصبر" (١).

والصبر في لسان العرب: حبس النفس عن المطلوب حتَّى تدركه، ومنه نهيه - عليه السلام - عن صبر البهائم، يعني: عن حبسها للتمثيل بها، ورميها كما ترمى الأغراض. ومنه قولهم: صبر الحاكم بيمين فلان. يعني: حبسه عن حلفه.

فإن قلتَ: هذِه صفات توجب التغير وحدوث الحوادث لمن وصف بها، فما معنى (وصفه) (٢) بالصبر؟

قلتُ: معناه: هو يعني الحلم كما أسلفناه، ومعنى وصفه بالحلم هو تأخير العقوبة عن المستحقين لها. ووصفه تعالى بالصبر لم يرد في التنزيل، وإنما ورد في حديث الباب، وتأوله أهل السنة على تأويل الحلم، هذا قول ابن فورك (٣).


(١) سلف برقم (١٤٦٩).
(٢) في (س): (وُصف).
(٣) "شرح ابن بطال" ٩/ ٢٨٤ - ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>