للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا أصل أن الحجة إنما هي في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا فيما يروى عن كتب الحكمة؛ لأنه لا يدري ما حقيقتها، وهو بمعنى الحديث.

وفي رواية عن بشير أنه قال: إن من الحياء ضعفًا، وعلى هذا يكون غضب عمران أوكد؛ لمخالفته لقوله: "الحياء لا يأتي إلا بخير"؛ ولقوله للذي كان يقول لصاحبه: إنك لتستحي حتَّى أضر بك الحياء: "دعه؛ فإن الحياء من الإيمان". فدلت هذِه الآثار أن الحياء ليس بضار في حالة من الأحوال، ولا بمذموم.

والحياء ممدود.

وقوله: ("إن الحياء من الإيمان") أي: من كماله، قاله أبو عبد الملك، وقال الهروي: جعل الحياء -وهو غريزة- من الإيمان وهو الاكتساب؛ لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، وإن لم يكن له نية، فصار كالإيمان القاطع بينه وبينها.

وقوله: (إنك لتستحي). قال ابن التين: هذا من استحيا بياء واحدة. قال الجوهري: أصله استحييت (فأعلوا) (١) الياء الأولى، وألقوا حركتها على الحاء فقالوا: استحيت (استثقالًا لما دخلت) (٢) عليها الزوائد. وقال سيبويه: حذفت لالتقاء الساكنين؛ لأن الياء في الأولى تقلب ألفًا؛ لتحركها قال: وإنما فعلوا ذَلِكَ؛ حيث كثر في كلامهم (٣). وقال المازني: لم تحذف للاتقاء الساكنين؛ لأنها لو حذفت لذلك لردوها إذا قالوا: هو يستحي لقالوا: هو يستحيي.


(١) في الأصل: (فأعروا).
(٢) في الأصل: (استبقاء لما أدخل).
(٣) "الصحاح" ٦/ ٢٣٢٤ مادة (حيا).

<<  <  ج: ص:  >  >>