للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الله مع نفاقه وعداوته للإسلام وأهله إذ كان فيه من أهل الإيمان جماعة.

وقد روي عن الحسن البصري أنه قال: إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم (١). وذلك خلاف ما يقوله بعضُهم أنه غير جائز على من كان عن سبيل الحق منحرفًا إما لبدعة أو لضلالة من الأهواء الردية، أو ملك من ملوك الكفار كان بها. ونظمه غير سائغ، وذلك أنه لا ضلالة أشنع ولا بدعة أخبث ولا كفرًا أرجس من النفاق ولم يكن في نفاق عبد الله بن أبي يوم هذِه القصة شك.

فإن قلت: إنه - عليه السلام - إنما سلم عليه ونزل إليه يومئذٍ ليدعوَهُ إلى الله وذلك فرض عليه. قيل: لم يكن نزوله - عليه السلام - ليدعوه؛ لأنه قد تقدم الدعاء منه لعبد الله بن أبي ولجماعة المنافقين في أول الإسلام فكيف يُدَعى إلى ما يظهره، وإنما نزل - عليه السلام - هناك استئلافًا لهم ورفقًا بهم رجاء رجوعهم إلى الحق، وقد كان - عليه السلام - يستألف بالمال فضلاً عن التحية، والكلمة الطيبة من استئلافه إذ كناه عند سعد بن عبادة فقال له سعد: (اعف عنه واصفح)، أي: لا تناصبه العداوة، كل هذا رجاء أن يراجع الإسلام.

وقد أجاز مالك في تكنية اليهودي والنصراني، وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب كما سلف قريبًا.

وروى جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كنت ردفًا لابن مسعود، فصحبنا دهقان من القنطرة إلى زرارة فأشعب له طريق واحد فيه، فقال عبد الله: أين الرجل؟ فقلت. أخذ في طريقه، فأتبعه


(١) رواه عبد الرزاق ١٠/ ٣٩٢ (١٩٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>