للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أحدهما: أن قوله في حديث ابن عمر: "وليقطعهما" قد قيل: إنه مدرج من كلام نافع. قال صاحب "المغني": كذلك روي في "أمالي أبي القاسم بن بشران" بإسناد صحيح: أن نافعًا قال بعد روايته للحديث: "وليقطع الخفين أسفل من الكعبين"، والإدراج فيه محتمل؛ لأن الجملة الثانية يستقل الكلام الأول بدونها فالإدراج فيه ممكن، فإذا جاء مصرحًا به أن نافعًا قاله زال الإشكال.
ويدل على صحة هذا أن ابن عمر كان يفتي بقطعهما للنساء، فأخبرته صفية بنت أبي عبيد، عن عاثشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما، قالت صفية: فلما أخبرته بهذا رجع.
الجواب الثاني: أن الأمر بالقطع كان بالمدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر، فناداه رجل فقال: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فأجابه بذلك، وفيه الأمر بالقطع، وحديث ابن عباس وجابر بعده، وعمرو بن دينار روى الحديثين معًا، ثم قال: انظروا أيهما كان قبل. وهذا يدل على أنهم علموا نسخ الأمر بحديث ابن عباس.
وقال الدارقطني: قال أبو بكر النيسابوري: حديث ابن عمر قبل؛ لأنه قال: نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد. فذكره، وابن عباس يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات.
فإن قيل: حديث ابن عباس رواه أيوب والثوري وابن عيينة وابن زيد وابن جريج، وهشيم، كلهم عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، ولم يقل أحد منهم "بعرفات" غير شعبة، ورواية الجماعة أولى من رواية الواحد.
قيل: هذا عبث، فإن هذِه اللفظة متفق عليها في الصحيحين، وناهيك برواية شعبة لها، وشعبة حفظها وغيره لم ينفها، بل هي في حكم جملة أخرى في الحديث مستقلة، وليست تتضمن مخالفة للآخرين، ومثل هذا يقبل ولا يرد؛ ولهذا رواها الشيخان.
وقد قال علي - رضي الله عنه -: قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما. وهذا مقتضى القياس، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى بين السراويل وبين الخف في لبس كل منهما عند عدم الإزار، والنعل، ولم يأمر بفتق السراويل لا في حديث ابن عمر ولا في حديث ابن عباس ولا غيرهما؛ ولهذا كان مذهب الأكثرين أنه يلبس السراويل بلا فتق عند عدم الإزار فكذلك الخف يلبس ولا يقطع، ولا فرق بينهما. وأبو حنيفة طرد القياس =