للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يخاف من ترك الواحد لا يخاف في ترك الجماعة، وذلك أن الواحد إذا تساروا دونه وقع بنفسه أنهما يتكلمان فيه بما يسوؤه، ولا يتفق ذلك في الجماعة، وهذا من حسن الأدب وكرم المعاشرة.

وفيه: أنه لا ينبغي إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المسر؛ لأن فاطمة - رضي الله عنها - لو أخبرت بذلك في ذلك الوقت ما أخبرها به من قرب أجله؛ لحزن بذلك حزنًا شديدًا، وكذلك لو أخبرتهن بأنها سيدة نساء المؤمنين لعظم ذلك عليهن واشتد حزنهن، فلما أمنت بعد موته أخبرت بذلك. وفيه اجتماع أزواجه في بيت واحد في مرضه.

ومعنى: (لم تغادَر منا واحدةٌ): لم تترك أن يحضر. وفيه العزم بغير الله، قال في "المدونة": إذا قال: أعزم عليك بالله إلا ما أكلت، فلم يأكل، لا حنث على واحد منهما بمنزلة: أسألك بالله، فإن قال: أعزم بالله إن فعلت، أرى ذلك لا شك في كونه يمينًا (١).

قال ابن حبيب: ينبغي له ألا يحنثه في: أعزم عليك بالله إلا ما فعلت ما لم تكن معصية، وهو من باب قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١]. قال: يريد أن يسأل بالله وبالرحم، فإن لم يفعل فلا كفارة على واحد منهما (٢).

وقولها: (لما (أخبرتني) (٣)). يحتمل آخر شيء، يحتمل أن تكون اللام بمعنى إلا وما زائدة، هذا مذهب الكوفيين، ويحتمل أن تكون ما مشددة بمعنى (إلا)، ذكره سيبويه (٤)، وأنكره الجوهري (٥).


(١) "المدونة" ٣/ ٣٠.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ٤/ ١٦.
(٣) من (ص ٢).
(٤) "الكتاب" ٣/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٥) "الصحاح" ٥/ ٢٠٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>