للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الصغائر عليهم فيها خلف (١).

(قال القاضي عياض: وعامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه أبو بكر القاضي؛ للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب، لكنهم قالوا: إن هذا العزم يكتب بسيئة، وليست السيئة التي هم بها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله والأمانة، لكن نفس الإصرار والعزم معصية، فتكتب معصية، فإذا عملها كتبت معصية ثانية، فإن تركها خشية لله كتبت كما في الحديث: "إنما تركها من جراي" (٢) فصار تركه لها لخوف الله ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة، فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها، ولا يصحبها عقد ولا نية، وذكر بعض المتكلمين خلافًا فيما إذا تركها لخوف الله، بل لخوف الناس، هل تكتب حسنة؟ قال: (لا) (٣) لأن ما حمله على تركها الحياء، وهذا ضعيف لا وجه له (٤).

قال النووي: هذا كلام القاضي، وهو حسن لا مزيد عليه. وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} [النور: ١٩] وقوله تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢] وقد تظاهرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد واحتقار المسلمين وإرادة


(١) "المعلم بفوائد مسلم" ١/ ٧٩ - ٨٠.
(٢) مسلم (١٢٩)، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب.
(٣) ساقطة من الأصل، والمثبت من (ص ٢).
(٤) "إكمال المعلم" ١/ ٤٢٥ - ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>