للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بخير الناس منزلًا". قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، وأخبركم بالذي يليه، رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور الناس" (١). الحديث.

فإن قلت: أين ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ "المسلم الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم" (٢)، فيجاب بأنه لا تضاد؛ لأن قوله: "رجل آخذ بعنان فرسه". خرج مخرج العموم، والمراد به الخصوص، فالمعنى فيه؛ أنه من خير الناس؛ لأنه قد ذكر غيره بمثل ذلك، فقال: "خير الناس من طال عمره، وحسن عمله" (٣) وقال: "خياركم من تعلم القرآن وعلمه" (٤). وقال تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٦] ولم تؤت مما اختص به سليمان شيئًا، ويحتمل أن يكون المراد بذلك أنه من خير أهلها، وإذا جاز ذلك جاز أن تكون المنزلة التي هو بها بينها وبين المنزلة المذكورة قبلها منزلة (أكمل) (٥) أو لعلها فوق المنزلة التي هي قبلها أيضًا فيكون من يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم باعتزاله، ويحتمل أن يكون أراد بتفضيله في وقت من الأوقات ولم يرد به كل الأوقات، كما في حديث أبي (ثعلبة) (٦): "إذا رأيت شحًّا مطاعًا،


(١) "تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار" ٧/ ١٨٠.
(٢) رواه الترمذي (٢٥٠٧)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٧/ ١١٢، وصححه الألباني في "المشكاة" ٥٠٨٧.
(٣) رواه الترمذي (٢٣٢٩)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٢٩٦).
(٤) سلف برقم (٥٠٢٧) كتاب: فضائل القرآن، باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
(٥) في الأصل: (أخرى).
(٦) في الأصل: (بكرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>