للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهوًى متبعًا، فعليك بنفسك، وإياك وأمر العوام" (١) فيكون اعتزال الناس في ذلك الزمان أفضل من مخالطتهم، ويكون ما سواه من الأزمنة بخلافه، ويكون المراد بتفضيل مخالطة الناس فيه على ترك مخالطتهم، حتى لا يكون بين الحديثين تضاد، ومما يدل على هذا التأويل في اختلاف الأزمنة قوله - عليه السلام -: "ستكون فتن المضطجع فيها خير من القاعد" (٢). الحديث، وفيه: "من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه" (٣).

فصل:

قال (الخطابي) (٤): العزلة عزلتان، والفرقة فرقتان: فرقة الآراء والأديان، وفرقة الأشخاص والأبدان، والجماعة جماعتان: الأئمة والأمراء، والعامة والدهماء، فأما الافتراق في الآراء والأديان فإنه محظور في العقول، محرم في قضايا الأصول؛ لأنه داعية الضلال، وسبب التعطيل والإهمال، ولو ترك الناس متفرقين؛ لتفرقت الآراء والنحل؛ ولكثرت الأديان والملل، ولم تكن فائدة في بعثة الرسل، وهذا هو الذي عابه الله من التفرق في كتابه وذمه في آي كثيرة، وعلى هذِه الوتيرة يجري الأمر أيضًا في الافتراق على الأئمة والأمراء؛ لأن في مفارقتهم مفارقة الألفة، وزوال العصمة والخروج من كنف الطاعة


(١) رواه أبو داود (٤٣٤١)، والترمذي (٣٠٥٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٦/ ٨٣، وضعفه الألباني في "المشكاة" (٥١٤٤).
(٢) مسلم (١٨٤٩/ ٥٥) كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن.
(٣) رواه الحاكم ٤/ ٤٢٦، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(٤) في الأصل: (الطحاوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>