للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله- بهذِه العزلة التي نختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعة، وترك حقوقهم في العيادات، وإفشاء السلام، ورد التحيات، وما جرى مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم، ووضائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم، فإنها مستثناة بشرائطها على سبيلها ما لم يحل دونها حائل شغل، ولم يمنع عنها مانع عذر، وإنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة ونبذ الزيادة عنها وحظ العلاقة التي لا حاجة بك إليها؛ فإن من جرى في صحبة الناس، والاستكثار من معرفتهم على ما يدعو إليه شغف النفوس، وإلف العادات، وترك الاقتصاد فيها، والاقتصار على القدر الذي تدعو الحاجة إليه كان جديرًا أن لا يحمد غبه، وأن تستوخم عاقبته، وأن سبيله في ذلك سبيل من يتناول الطعام في غير أوان جوعه، ويأخذ منه فوق قدر حاجته؛ فإن ذلك لا يلبث أن يقع في أمراض مدنفة وأسقام متلفة، وليس من علم كمن جهل، ولا من جرب وامتحن كمن بادر وخاطر، ولله در أبي الدرداء حيث يقول: وجدت الناس اخبر نقلة.

أنشدني ابن (أبي) (١) الدق، أنشدنا شكر، أنشدني ابن أبي الدنيا:

من حمد الناس ولم يبلهم … ثم بلاهم، ذم من يحمدِ

وصار بالوحدة مستأنسًا … بوحشة الأقرب والأبعد (٢)

فصل:

وروينا في كتاب "الطاعة والمعصية" لابن معبد: ثنا ابن المبارك، عن معمر، عن ابن (طاوس) (٣)، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير


(١) من (ص ٢).
(٢) "العزلة" ص ١٣ - ١٥.
(٣) في الأصل: (فارس).

<<  <  ج: ص:  >  >>