للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زعم أن الاستثناء لأجل حملة العرش أو جبريل أو ميكائيل أو ملك الموت، أو زعم أنه لأجل الولدان، والحور في الجنة، أو زعم أنه لأجل موسى؛ فإنه - عليه السلام - قال: "أنا أول من تنشق عنه الأرض، فأرفع رأسي فإذا موسى". الحديث، فإنه لا يصح شيء فيه (١).

أما الأول: فلأن حملة العرش ليسوا من سكان السماء ولا الأرض؛ لأن العرش فوق السماوات كلها، فكيف تكون حملته في السماوات، وأما جبريل وملك الموت وميكائيل فمن الحافين المسبحين حول العرش، وإذا كان العرش حول السماوات لم يكن الاصطفاف حوله في السماوات، وكذلك القول الثاني؛ لأن الولدان والحور (في الجنة) (٢)، والجنان وإن كانت بعضها فوق بعض؛ فإن جميعها فوق السماوات ودون العرش، وهي بانفرادها عالم مخلوق للبقاء، فلا شك أنها بمعزل عما خلق الله جل وعلا للفناء، وصرفه إلى موسى لا وجه له؛ لأنه مات بالحقيقة فلا يموت عند نفخ الصور ثانية، ولهذا لم يعتد ما ذكر من اختلاف المتأولين في الاستثناء بقول من قال: إلا من شاء الله، أي: الذي سبق موتهم قبل نفخ الصور؛ لأن الاستثناء إنما يكون لمن يمكن دخوله في الجملة، فأما من لا يمكن دخوله فيها فلا معنى للاستثناء به، وهذا في موسى موجود، فلا وجه للاستثناء، وقد قال - عليه السلام - في ذكر موسى ما يعارض الرواية الأولى من قوله: "فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقته". فظاهر هذا أن هذِه صعقة غشي تكون يوم القيامة لا صعقة الموت الحادثة عند نفخ الصور، صرف ذكر يوم القيامة إلى أنه أراد أوائله.


(١) انظر: "شعب الإيمان" ١/ ٣١٠ - ٣١١.
(٢) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>