للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرابع وهو قول سعيد بن جبير، وقال مجاهد: الصلاة. قال أبو يوسف: وحق الله يمين، وفيها الكفارة.

حجة القول الأول أن أهل السنة أجمعوا على أن صفات الله أسماء له (١)، ولا يجوز أن تكون صفات غيره، فالحلف بها كالحلف في أسمائه يجب فيها الكفارة، ألا ترى أنه - عليه السلام - كثيرًا ما كان يحلف "لا ومقلب القلوب" وتقليبه لقلوب عباده صفة من صفاته، ولا يجوز على الشارع أن يحلف بما ليس بيمين؛ لأنه قال: "من كان حالفًا فليحلف بالله" (٢).

قال أشهب: من حلف بأمانة الله، التي هي صفة من صفاته، فهي يمين، وإن حلف بأمانة الله التي بين العباد فلا شيء عليه. وقال ابن سحنون: معنى قوله {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: ١٨٠] التي خلقها في خلقه التي يتعازون بها. قال: وقد جاء في التفسير أن العزة هنا يراد بها الملائكة، وإنما ذهب إلى هذا القول ابن سحنون -والله أعلم- فرارًا من أن تكون العزة التي هي صفة الله مربوبة، فيلزمه الحدث وليس كما توهم؛ لأن لفظ الرب قد يأتي في كلام العرب لصاحب الشيء، ومستحقه، ولا يدل ذلك على الحدث والخلق، فنقول لصاحب الدابة: رب الدابة، (ولصاحب الدار: رب الدار) (٣)، ولصاحب الماشية: رب الماشية، ولا نريد بذلك معنى الخلق، قال تعالى: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: ٢٦] فليس إعزازه


(١) يقصد المصنف بصفات الله الصفات المعنوية لأن الاشاعرة الذين عبر عنهم في السياق بأهل السنة لا يثبتون غيرها.
(٢) سلف برقم (٢٦٧٩) كتاب الشهادات ورواه مسلم (١٦٤٦) كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى.
(٣) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>