للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختلف العلماء في هذا الباب، فقال مالك: لا يجوز أن يعتق في الرقاب الواجبة مكاتب ولا مدبر ولا أم الولد، ولا يعتق إلى سنين، وهو قول الكوفيين والأوزاعي والشافعي، إلا إن الشافعي أجاز عتق المدبر، (وكذا أبو ثور، وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد: لا يجزئه (١) وإن الكوفيين والأوزاعي قالوا: إن كان المكاتب قد أدى شيئًا من كتابته فلا يجوز عتقه في الكفارة، وإن لم يؤد شيئًا جاز عتقه، وبه قال الليث وأحمد وإسحاق، وفيه قول ثالث: أن عتقه يجزئ وإن أدى بعض كتابته؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، فهو يباع. وقد اشترت عائشة بريرة بأمر الشارع، هذا قول أبي ثور.

وحجة مالك ومن وافقه أن المكاتب والمدبر وأم الولد قد ثبت لهم عقد حرمة لا سبيل إلى رفعها، والله تعالى إنما ألزم عتق رقبة واجبة أن ينوي عتقها من غير عقد (حرية) (٢) تقدمت فيها قبل عتقه، قال تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ولم يقل: بعض رقبة.

واحتج الشافعي بأن المدبر (يجزئ) (٣) عتقه في الكفارة بحديث جابر في الباب، فلما جاز بيعه جاز عتقه فيها وغيرها؛ لأنه لو كانت فيه شبهة الحرية لم يبعه الشارع، ويقضي به المالكيون بأن كثيرًا ممن يجوز بيعه لا يجوز عتقه كالأعمى والمقعد وشبهه.

وقال مالك والكوفيون: إنما بيع المدبر؛ لأن تدبيره كان سفهًا، وكان من الإعلان بسوء النظر لنفسه؛ فلذلك رده الشارع؛ لأن تدبيره كلا تدبير.


(١) من (ص ٢).
(٢) في (ص ٢): حرمة.
(٣) في (ص ٢): يحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>