للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألا ترى أنه - علية السلام - لما فهم من المجامع في رمضان الندم على فعله من صورة فزعه وقوله: (احترقت). لم يعاقبه ولا ذنَّبه، بل أعطاه ما يكفر به (١)، وقد قال للرجل الذي قال: إني أصبت حدًّا فأقمه عليَّ: "أليس قد صليت معنا؟ " فلم يستكشفه عنه، فدل أن الستر أولى؛ لأن في الكشف عنه نوع تجسس المنهي عنه وجعلها شبهةً دارئةً للحد، وجائز أن يظن ما ليس بحد حدًّا، فكان ذلك مما يكفر بالوضوء والصلاة، وأطلع الله رسوله على ذلك، ولما لم يعم بالكناية دون الإفصاح وجب ألا يكشف عليه؛ لأن الحد لا يقام بالشبهة بل يدرأ بها، وحجة كونها غير ساقطة للحد إخبار الشارع عن توبة الجهنية والغامدية (٢) وإقامة الحد عليهما، والسقوط خاص بالمحاربين دون غيرهم، ولا يحتج في ذلك بحديث أنس الآتي في الباب بعد، حيث قال: أصبت حدًّا، لما أسلفنا من احتمال أنه ظنه حدًّا وليس بحد، وقال الخطابي: يحتمل أن يكون الله أوحى إليه أنه قد غفر له ذنبه ولو أفصح بذكر الحد لأقامه عليه ولم يعف عنه (٣).

فصل:

ولم يعاقب عمر صاحب الظبي، يعني: حيث حكم على قبيصة بن جابر في الظبي بشاة، وهو وعبد الرحمن بن عوف، فقال قبيصة: قلت يا أمير المؤمنين إن أمره أهون من أن تدعو أحدًا يحكم معك، قال:


(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ٤٤٢.
(٢) ورد بهامش الأصل: مقتضى كلام الشيخ محيي الدين أنهما واحدة وذلك أنه قال: غامد بطن من جهينة ولم يسم الجهنية وسمى الغامدية سُبيعة وقيل: آمنة، ذكرهما الخطيب.
(٣) "أعلام الحديث" ٤/ ٢٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>