للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل ابن التين عن الطحاوي أنه لا يجوز اعتبار التعزير بالحدود؛ لأنهم لا يختلفون أن التعزير موكول إلى اجتهاد الإمام فيخفف تارة ويشدد أخرى، فلا معنى لاعتبار الحد فيه، ويجوز مجاوزته له، والدليل على ذلك حديث الزهري، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه أن حاطبًا توفي وأعتق من صلى وصام من رقيقه، وكانت له وليدة نوبية قد صلت وصامت، وهي عجمية لا تفقه، فلم يرعه إلا حملها، فذهب إلى عمر - رضي الله عنه - فأخبره، فأرسل إليها: أحبلت؟ فقالت: نعم، من مرغوس بدرهمين، فإذا هي تستهل به، وصادفت عنده عليَّ بن أبي طالب وعثمان وعبد الرحمن، فقال: أشيروا عليَّ. فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليهما الحد؛ فقال: أشر علي يا عثمان؛ فقال: كأنها تستهل به، كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه. فقال عمر: وأمر بها فجلدت مائة وغربت. قال ابن شهاب: وقد كانت نكحت غلامًا لمولاها، ثم مات عنها، فجعل عمر - رضي الله عنه - في هذا الحديث التعزير مائة؛ لأنه كان عليها علم الأشياء المحرمة، وغربها زيادة في العقوبة كما غريب في الخمر.

وقال البيهقي: لأن حدها الرجم، فكأنه درأ عنها حدها؛ للشبهة بالهالة، وجلدها وغربها تعزيرًا (١).

ومرغوس: بالغين المعجمة والسين المهملة على الصواب. قال الأزهري: رجل مرغوس. أي: كثير الخير (٢). ووهم بعضهم فجعله أشما بن مصهر، وجعله بالشين المعجمة، وهو عجيب.


(١) "السنن الكبرى" ٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٢) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>