للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له، وإن مات فهي لورثته (١). واحتجوا بما روي أن رجلاً كان يسوق حمارًا، فضربه بعصا فأصابت عين نفسه ففقأتها، فقضى عمر - رضي الله عنه - بديته على عاقلته وقال: أصابته يد من أيدي المسلمين.

وحديث الباب حجة للأول؛ حيث لم يوجب الشارع لعامر دية على عاقلة ولا غيرها، ولو وجب عليها شيء لبينه؛ لأنه مكان يحتاج فيه إلى البيان، بل شهد له بأن له أجرين والنظر ممتنع أن يجب للمرء على نفسه شيء بدليل الأطراف، وكذا النفس.

واحتج مالك في ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: ٩٢] ولم يقل: من قتل نفسه خطأ، وإنما يجعل العقل فيما أصاب به إنسان إنسانًا، ولم يذكر ما أصاب به نفسه، ثم إن الدية إنما وجبت على العاقلة تخفيفًا على الجاني، فإذا لم يجب عليه لأحد شيء لم يحتج إلى التخفيف عنه، وجعلت الدية أيضًا على العاقلة معونة للجاني فتؤدى إلى غيره، فمحال أن يؤدى عنه إليه.

فصل:

قوله: ("إِنَّ لَهُ لأَجْرَينِ اثْنَثنِ، إِنَّهُ لَجَاهِد مُجَاهِدٌ") لعله يريد أنه نزل به من البلاء ما امتحن به حتى اختار الموت وتمناه، وهذا فسر به الهروي، قوله: ("أعوذ بك من جهد البلاء").

وقوله: ("مجاهد") أي: في سبيل الله. وقيل: معناه جاهد في الخير مجاهد في سبيل الله، وروي: "إنه لجاهد ومجاهد" (٢) أي: حضر مواطن من الجهاد عدة، مجاهد: جمع مجهد.


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ١١٤، و"المغني" ١٢/ ٣٣ - ٣٤.
(٢) ورد بهامش الأصل: الرواية الثانية في الحديث: "لجاهد مجاهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>