للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب الليث ومالك والشافعي إلى أن القتيل إذا وجد في محلة قوم فهو هدر (١) لا يؤخذ به أقرب الناس دارًا ولا غيره؛ لأن القتيل قد يقتل ثم يلقي على باب قوم ليلطخوا به، فلا يؤخذ أحد بمثل ذلك.

وقد قال عمر بن عبد العزيز: هذا بما يؤخر فيه القضاء حتى يقضي الله فيه يوم القيامة.

وقال القاسم بن مسعدة: قلت للنسائي: مالك لا يقول بالقسامة إلا بلوث. فلم أورد حديث القسامة ولا لوث فيه؟ قال النسائي: أنزل مالك العداوة التي كانت بينهم وبين اليهود بمنزلة اللوث، وأنزل اللوث أو قول الميت بمنزلة العداوة.

وقال الشافعي: إذا كان من السبب الذي حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجبت القسامة، كانت خيبر دار يهود مختصة، وكانت العداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة. وخرج عبد الله بن سهل بعد العصر (فوجد قتيلًا قبل الليل) (٢)، فكاد يغلب على من سمع هذا أنه لم يقتله إلا بعض اليهود (٣). وكذلك قال أحمد: إذا كان بين القوم عداوة كما كان بين الصحابة واليهود (٤).

ووجه قول مالك: أن قول المقتول يجب فيه القسامة، أن الغالب من الإنسان أنه يتخوف عند الموت ويجهد في التخلص من المظالم، ويرغب فيما عند الله تعالى ويحدث توبة، ولا يقدم على دعوى القتل ظلمًا، فصار أقوى من شهادة الشاهد وأقوى من قول من خالف أن


(١) "الاستذكار" ٢٥/ ٣١٥.
(٢) في الأصل: فوجد قبيل الليل، والمثبت من (ص ١).
(٣) "الأم" ٦/ ٧٨.
(٤) "المغنى" ١٢/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>