للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخذه الحاكم بالحق. هذا قول ابن أبي ليلى وغيره من أهل العلم.

واحتج أهل المقالة الأولى بحديث القسامة، وقالوا: إن الشارع جعل اليمين في جهة المدعي بقوله للأنصار: "أتحلفون؟ " فلما أبوا أحالها إلى اليهود (ليبرءوا) (١) بها. فلما وجدنا في سنته أن المدعي قد تنتقل إليه اليمين في الدماء وحرمتها أعظم، جعلناها عليه في الحقوق؛ لنأخذ بالأرفق، والمدعى عليه إذا نكل عن اليمين ضعفت جهته وصار متهمًا وقويت حجة المدعي؛ لأن الظاهر صار معه فوجب أن تصير اليمين في جهته لقوة أمره.

وقد احتج الشافعي على الكوفيين فقال: رد اليمين في كتاب الله في آية اللعان أيضًا؛ وذلك أن الله جعل اليمين على الزوج القاذف لزوجته إذا لم يأت بأربعة شهداء، وجعل له بيمينه البراءة من حد القذف، وأوجب الحد على الزوجة إن لم تلتعن، فهذِه يمين ردت على مدع كانت عليه البينة في رميه زوجته، فكيف ينكر من له فهم وإنصاف رد اليمين على المدعي؟

وقال ابن القصار: قد ذكر الله في كتابه اليمين على المدعي الصادق، فقال لنبيه: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: ٥٣] وقال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: ٧] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: ٣]، واحتج أيضًا بقوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: ١٠٨] قال أهل التفسير: يعني: تبطل أيمانهم وتؤخذ أيمان هؤلاء.


(١) في الأصل: (ليقرون) والمثبت موافق للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>