للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يجيزها أحد من أهل العلم وهي منتقضة على أصل أبي حنيفة؛ لأن الهبة إن انعقدت للثواب فهي بيع من البيوع عند الكوفيين، ومالك وغيره، ففيها الشفعة، وإن كانت هبة مقبولة بغير شرط ثواب فلا شفعة فيها بإجماع، ومن عقد عقدًا ظاهرًا سالمًا في باطنه والقصد فيه فساد فلا يحل عند أحد من العلماء.

وذكر ابن عبد الحكم عن مالك أنه اختلف قوله في الشفعة في الهبة فأجازها مرة ثم قال: لا شفعة فيها، والذي في"المدونة": لا شفعة فيها (١).

فصل:

قال المهلب: وإنما ذكر البخاري في هذِه المسألة حديث أبي رافع؛ ليعرفك إنما جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقا للشفيع بقوله - عليه السلام -: "الجار أحق بصقبه" فلا يحل إبطاله ولا إدخال حيلة عليه.

فصل:

وأما المسألة التي في آخر الباب: إن اشترى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة، وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين، فشأنها أن يكون البائع شريكًا مع غيره في دار، فيقوم آخر فيشتري منها نصيبًا يهبه لابنه ولا يمين عليه.

وإنما قال ذلك؛ لأن من وهب لابنه هبة فقد فعل ما يباح له فعله، والأحكام على الظاهر لا على التوهم، وادعاء الغيب على الثبات، وذكر ابن الموّاز عن مالك: إن كانت للثواب ففيه الشفعة، يعني لأنها بيع من البيوع، ويحلف المتصدق عليه إن كان ممن يتهم.


(١) "المدونة"٤/ ٢٢٨، وانظر"النوادر والزيادات" ١١/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>