للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في المستقبل لا غير. والنفث كالتفل إلا أن النفث نفخ لا بصاق معه، والتفل معه شيء من الريق.

وقد سلف في حديث أبي قتادة أن التفل ثلاثًا عن شماله، والأحاديث وردت مرة بالبصاق، ومرة بالتفل، ومرة بالنفث، والمعنى متقارب كما سلف، ووجه نفثه إخساء الشيطان كما يتفل الإنسان عند الشيء القذر يراه أو يذكره، ولا شيء أقذر من الشيطان، فأمره بالتفل عند ذكره، وكونه ثلاثًا مبالغة في إخسائه وكونه عن الشمال؛ لأن الشرور كلها تأتي عند العرب من جهته، ولذلك سميت الشؤمى، ولذلك كانوا يتشاءمون بما جاء من قبلها من طائر ووحش أَخذ إلى ناحية اليمين، فسمى ذلك بعضهم بارحًا، وكانوا يتطيرون منه، وسماه بعضهم سانحًا وأنه ليس فيه كثير اعتمال من بطش وأخذ وإعطاء وأكل وشرب، وأصل طريق الشيطان إلى ابن آدم؛ لرعائه إلى ما يكرهه الله من قبلها.

فصل:

وإنما أمر الشارع إذا رأى ما يحب أن لا يحدث بها إلا من يحب؛ لأن المحب لا يعبرها إلا بخير، والعبارة لأول عابر، ولأنه لا يسوؤه ما يسر به صديقه، بل هو مسرور بما يسره وغير حريص أن يتأول الرؤيا الحسنة شر التأويل، ولو أخبر بها من لا يحبه لم يأمن أن يأولها شر التأويل، فربما وافق ذلك وجهًا من الحق في تأويلها فتحرج كذلك؛ لقوله - عليه السلام -: "الرؤيا لأول عابر" (١).


(١) رواه ابن ماجه (٣٩١٥) عن أنس بن مالك، وضعفه الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>