للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحمله غيرهما على أن ذكر الليل للغالب لا للتقييد ويرشد إلى ذَلِكَ أنه علله بأمر يقتضي الشك وهو: "فإنه لا يدري أين باتت يده" فدل على أن الليل والنوم ليس مقصودًا بالتقييد، ثم هذِه المشروعية -أعني: تقديم الغسل على الغمس- على وجه الندب عند الشافعي ومالك والجمهور، وعلى وجه الوجوب عند داود والطبري، فلو خالف وغمس يده لم ينجس الماء، خلافًا للحسن البصري وإسحاق وابن جرير ورواية عن أحمد، وهو بعيد؛ لأنه تنجيس بالشك، وفي رواية منكرة الأمر بإراقة ذَلِكَ الماء.

وقال بعض المالكية بمقتضاها استحبابًا، وقد بسطت الكلام على هذِه المسألة ومتعلقاتها في "شرح العمدة" فراجعه منه (١).

الرابعة: فيه استعمال الكنايات فيما يستحى من التصريح به، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا يدري أين بات يده" ولم يقل: فلعل يده وقعت على دبره أو على ذكره أو على نجاسة، أو نحو ذَلِكَ، وإن كان مرادًا.

الخامسة: الفائدة في قوله: "من نومه": خروج الغفلة ونحوها، وفي إضافة النوم إلى ضمير أحدكم؛ ليخرج نومه - صلى الله عليه وسلم -، فإنه تنام عينه دون قلبه (٢).

السادسة: فيه دلالة على الفرق بين ورود النجاسة وورودها عليه، فإذا ورد عليها الماء أزالها، أذا وردت عليه نجسته إذا كان قليلًا؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن إيرادها عليه؛ وأمره بإيراده عليها وذلك يقتضي أن


(١) انظر: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٢٤٩.
(٢) سيأتي برقم (٣٥٦٩) كتاب: المناقب، باب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه.