للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشرح:

زعم الإسماعيلي أن أبا حمزة روى حديث (حذيفة) (١) عن الأعمش، عن أبي وائل عن مسروق، قال عمر - رضي الله عنه -: إنكم تحدثونا عن الفتنة. قال: كذا عن مسروق، وخالفه الناس فقالوا: عن الأعمش، عن أبي وائل، فذكر حديث البخاري. وحديث حذيفة وأبي موسى من أعلام النبوة؛ لأن فيهما الإخبار عما يكون من الفتن والغيب، وذلك لا يعلم إلا بالوحي. وقال الخطابي: إنما كان يسأل حذيفة عن الشر؛ ليعرف موضعه فيتوقاه، وذلك أن الجاهل بالشر أسرع إليه وأشد وقوعًا فيه، ويروى عن بعض السلف أنه قيل له: إن فلانًا لا يعرف الشر. قال: ذلك أجدر أن يقع فيه، ولهذا صار عامة ما يروى من أحاديث الفتن وأكثر ما يذكر من أحوال المنافقين منسوبة إليه ومأخوذة عنه (٢)، وقال غيره: وإنما نكبه حذيفة حين سأله عمر عن الفتنة، فجاوبه عن فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، ولم يجاوبه عن الفتنة الكبرى التي تموج كموج البحر، لئلا تغمه ويشتغل باله، ألا ترى قوله لعمر: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. ولم يقل له: أنت الباب، وهو يعلم أن الباب عمر، فإنما أراد حذيفة ألا يواجهه بما يشق عليه ويهمه، وعرض له بما فهم عنه عمر أنه هو الباب، ولم يصرح له به، وهذا من أحسن أدب حذيفة.

فإن قلت: فمن أين علم عمر أن الباب إذا كسر لم يغلق أبدًا؟ فالجواب: أنه استدل عمر على ذلك بأن الكسر لا يكون إلا غلبة،


(١) في (ص ١): خزيمة.
(٢) "غريب الحديث" ٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>