للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] إذ لو خلا بعض الحوادث أن يكون لا حكم له فيها لبطل إخباره إيانا بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] وفي علمنا أن النصوص لم تحط بجميع الحوادث دلالة علي أن الله تعالى قد أبان لنا حكمها بغير جهة النص، وهو القياس علي علة النص، ولو لم يتعبدنا الله بما نص عليه فقط لمنع عباده الاستنباط الذي أباحه لهم، والاعتبار في كتابه الذي دعاهم إليه، ولو نص على كل ما يحدث إلي قيام الساعة؛ لطال الخطاب وبعد إدراك فهمه عن المكلفين، بل كانت بنية الخلق تعجزعن حفظه.

فالحكمة فيما فعل تعالى من وجوب الاجتهاد والاستنباط والحكم للأشياء بأشباهها ونظائرها في المعنى، وهذا هو القياس الذي نفاه أهل الجهالة القائلون بالظاهر المنكرون للمعاني والعلل، ويلزمهم التناقض في نفيهم القياس؛ لأن أصلهم الذي بنوا عليه مذهبهم أنه لا يجوز إثبات فرض في دين الله إلا بإجماع من الأمة [والاجتهاد والقياس فرض على العلماء عند عدم النصوص، فيلزمهم أن يأتوا بإجماع من الأمة] (١) على إنكار القياس، وحينئذ يصح قولهم، ولا سبيل لهم إلى ذلك.

فصل:

أسلفنا الخلاف في الآية السالفة، وأن الشعبي قال: الكافرون في المسلمين والظالمون في اليهود والفاسقون في النصارى، وقيل الآيات


(١) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، ولعله سقط من الناسخ من كلمة (الأمة) إلى (الأمة) أو من المصنف، والمثبت من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>