للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

ينبغي أن يعتقد أن الله تعالى في عظمته لا يشبه شيئًا من مخلوقاته ولا يُشبَّهُ به، وأن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخلق والمخلوقات فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم (١) بخلاف صفات المخلوق، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات، فكذلك صفته لا تشبه صفات المخلوقين؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض، والأعراض هو تعالى منزه عنها.

قال بعضهم: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة عن الصفات.

وقال الواسطي: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلَّت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة (٢)، كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة، من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره


(١) إطلاق اسم (القديم) علي الله تعالى مشهور عند أكثر أهل الكلام، وتأثر بهم الكثير حتى قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: (قديم بلا ابتداء)، وأرادوا بذلك المتقدم على الحوادث كلها، والمعنى الذي أرادوه صواب، لكن الاسم خطأ، فالقِدَم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها، كما أنَّ هذا الاسم لم يرد به نص، وأسماؤه سبحانه توقيفية، لذا أنكره كثير من السلف والخلف، وأولى منه اسم (الأول) فقد جاء به النص القرآني، وهو يُشعر أنَّ ما بعده آيلٌ إليه. علي أن كثير من أهل العلم أطلقوا (القِدَم) على صفات الله وأفعاله، بمعني أنها غير مخلوقة أو حادثة. والكلام على الفرع يختلف عن الكلام على الأصل.
(٢) بعض هذِه الألفاظ يستخدمها أهل الكلام في نفي أفعال الله -عَزَّ وَجَلَّ-، باعتبار أن هذا الفعل (الصفة) حادث، والله منزه عن الحوادث، وهذا بعيد عن الصواب إن قُصد به إنكار الصفة، وانظر التعليق الآتي آخر هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>