للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله في حديث حذيفة - رضي الله عنه -: ("باسمك أحيا وأموت" ومعناه: بإقدارك إياي على وضع جنبي، كقولك (١): (بغيرك) وضعت جنبي. وقوله: "باسمك أحيا وأموت" (بغيرك) (٢) أحيا وأموت، وهذا كفر بالله تعالى، ويكون قوله: "وبك أرفعه" وقوله: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا" مراد به: الله تعالى، فيكون بعض الدعاء إلى الله وصرف الأمر فيه إلى غير الله تعالى. وهذا كفر صريح لا يخفى.

ومما يدل على أن اسم الله تعالى هو هو، قوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)} [الواقعة: ٩٦] أي: سبح ربك العظيم ونزهه بأسمائه الحسنى، ولو كان اسم غيره لكان الله تعالى أمر نبينا بتنزيه معنى هو غير الله، وهذا مستحيل، ومما يدل على ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨)} [الرحمن: ٧٨] في قراءة من قرأ (ذو الجلال) (٣). وذو: وصف لا يشك فيه.

فإذا قد وصف الاسم بالجلال والإكرام، وهذا بخلاف القدرية التي تزعم كون كلامه محدث، وأنه تعالى لم يزل غير ذي اسم ولا صفة حتى يخلق الخلق وخلق كلامه، فسماه خلقه بأسماء محدثة، وسمى نفسه بمثلها. وهذا من الفساد بما قدمناه أنه تعالى لا يجوز أن يأمر نبيه بتنزيه غيره.

فإن قلت: فإذا قلتم إن اسم الله هو هو، فما معنى قوله - عليه السلام -: "إن لله


(١) هكذا في الأصل، و (ص ١) والكلام فيه نقص انظره في "شرح ابن بطال"١٠/ ٤٢٣.
(٢) في الأصل: (بعزك) في الموضعين، والمثبت من (ص ١)، وانظر: "شرح ابن بطال".
(٣) قرأها ابن عامر، وقرأ باقي السبعة (ذي الجلال) بالياء. انظر "السبعة في القراءات" لابن مجاهد ص ٦٢١، "الكشف" لمكي ٢/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>