للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ارتفع)، (علا). (استقر).

فأما قول من جعل الاستواء بمعنى: القهر والاستيلاء، فقول فاسد كما قررناه؛ لأن الله تعالى لم يزل قاهرًا غالبًا مستوليًا، وقوله تعالى: {على الْعَرْشِ اسْتَوَى} يقتضي استفتاح هذا الوصف واستحقاقه [بعد] (١) أن لم يكن، كما أن المذكور في البيت إنما حصل له هذا الوصف بعد أن لم يكن، وتشبيههم أحد الاستوائين بالآخر غير صحيح، ومؤدٍّ إلى أن الله تعالى كان مغالبًا في ملكه، وهذا منتف عن الله تعالى؛ لأن الله تعالى هو الغالب لجميع خلقه.

وأما من قال: تأويله: استقر، ففاسدة لأن الاستقرار من صفات الأجسام، وأما تأويل ارتفع فقدل مرغوب عنه لما في ظاهره من إيهام الانتقال من سفل إلى علو وذلك لا يليق بالله. وأما تأويل علا فهو صحيح، وهو مذهب أهل السنة والحق، كما قاله ابن بطال (٢).

ثم قال: فإن قلت ما في ارتفع مثله يلزم في علا (٣)، قيل: الفرق بينهما أن الله تعالى وصف نفسه بالعلو بقوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} [الروم: ٤٠] فوصف نفسه بالتعالي، والتعالي من صفات الذات، ولم يصف نفسه بالارتقاع، وقال بعضهم: الاستواء ينصرف في كلام العرب على ثلاثة أوجه:

فالوجه الأول: قوله تعالى في ركوب الأنعام: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ} [الزخرف: ١٣] فهذِا الاستواء بمعنى الحلول،


(١) ساقطة في الأصول، وأثبتناها من "شرح ابن بطال".
(٢) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٤٧ - ٤٤٨.
(٣) قد يكون إشارة إلى كلام الطبري في "تفسيره" ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩ وكلام الطبري أقوم سبيلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>