للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيهما: حمله على معنى الانتظار لا يخلو أن يراد به منتظرة ربها أو ثوابه، وعلى أيهما حمل فهو خطأ؛ (لأن المنتظر لا ينتظره؛ لأنهما في تنغيص وتكدير) (١) والله قد وصف أهل الجنة بغير ذلك، وأن لهم فيها ما يشاءون، ويبطل كون النظر فيها بمعنى: الاعتبار والتفكر؛ لأن الآخرة ليست بدار اعتبار وتفكر؛ إذ ليست بدار محنة وعبادة، وإن ذاته تعالى ليست مما يعتبر بها، فبطل قولهم، ويبطل كونها فيها بمعنى التعطف والرحمة؛ لأن ذاته (تعالى ليست) (٢) مما يتعطف عليها ويترحم.

وإذا بطلت هذِه الأقسام الثلاثة صح الرابع، وهو النظر بمعنى: الرؤية بالأبصار له تعالى، وهو ما ذهب إليه جمهور (المتكلمين) (٣) قبل حدوث القائلين بهذه الضلالة، وشهدت له السنن الثابتة من الطرق المختلفة، وما احتج به من نفاها من أنه يوجب كون المرئي محدثًا فهو فاسد؛ لقيام الدلائل الواضحة على أن الله موجود، وأن الرؤية بمنزلتها في تعلقها بالمرئي منزلة العلم في (تعلقه) (٤) بالمعلوم، فكما أن العلم المتعلق بالموجود لا يختص بموجود دون موجود ولا يوجب تعلقه به حدثه، كذلك الرؤية في تعلقها بالمرئي لا توجب حدثه، واحتج نفاتها أيضًا بقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام:


(١) كذا العبارة بالأصول وهي غير بليغة -إن أُدرك منها معنى- ووقع في "شرح ابن بطال" (لأن المنتظر لما ينتظره في تنغيص وتكدير) وهو أنسب بل هو الصواب، والله أعلم.
(٢) من (ص ١).
(٣) كذا بالأصول، ووقع في "شرح ابن بطال": المسلمين. ولعله أوجه.
(٤) في الأصل: تعلقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>