للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديثه السادس عشر أخرجه عن أبي اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، وقال أحمد بن صالح. وزعم أبو مسعود الدمشقي أن البخاري قال: وقال لي أحمد بن صالح (١)، وعند مسلم: حدثنا حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، فذكره (٢).

فصل:

معنى الباب: إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى، وأن مشيئته وإرادته ورحمته وغضبه وسخطه وكراهيته كل ذلك بمعنى واحدٍ أسماء مترادفة، هي راجعة كلها إلى معنى الإرادة (٣)، كما يسمى الشيء الواحد بأسماء كثيرة، وإرادته تعالى صفة من صفات ذاته، خلافًا لمن يقول من المعتزلة: إنها مخلوقة من أوصاف أفعاله. وقولهم فاسد؛ لأنهم إذا أثبتوه تعالى مريدًا، وزعموا أن إرادته محدثة لم تخل من أن يحدثها في نفسه أو في غيره، أو لا في نفسه، ولا في غيره.

وهذا الذي ذهبوا إليه مستحيل إحداثه لها في نفسه؛ لأنه لو أحدثها في نفسه لم يخل منها ومن ضدها على سبيل التعاقب، ولا يجوز تعاقب الحوادث على الله؛ لقيام الدليل على قدمه قبلها، ويستحيل أن يحدثها في غيره؛ لأنه لو أحدثها في غيره، لوجب أن يكون ذلك الغير مريدًا بها، وبطل كونه مريدًا بإرادة أحدثها في غيره كما يبطل أن يكون عالمًا بعلم يحدثه فيه أو قادرًا بقدرة يحدثها فيه؛ لأن قياس ذلك كله


(١) والفرق بين هذا وذاك، أن قول الراوي: قال فلان، يأخذ الحديث به صورة المعلق، وقوله: قاله لي فلان، تعني أن الراوي أخذ الحديث عنه مذاكرة.
(٢) "صحيح مسلم" (٢٣٩٢/ ١٧).
(٣) تقدم إثبات صفة الرحمة والغضب، وغيرها، وأنها غير الإرادة. ويراجع التعليق ص ١٩١،١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>